تحقيق نجاة سقلاوي
جنوبي هو من ضيعة مقاومة، تعلم من طبيعتها العطاء والعمل، فما ورد فصل الجفاف والقحط في قاموس عمله، أحب العلم والمعرفة منذ حداثته، إنه المثابر الذي لمع نجمه باكراً في فضاء التجارة، إنه رجل الأعمال اللبناني الدكتور “حسن تاج الدين”.
مجموعة “الوادي الإعلامية” التقت الحاج “حسن” وأجرت معه مقابلة لعلّ هذا الجيل يقرأ ويتعلم من ثقافة الحياة لأناس رفعوا اسم لبنان عالياً في ظروف حالكة يحاول البعض أن يحرق هذا الوطن فيجمد عجلته الاقتصادية وتصبح البطالة الظاهرة المتفشية بخطورة سرطانية فتاكة. فماذا يخبرنا “تاج الدين” عن سيرته الذاتية؟ وما هي المحطات التي مرّ بها وساهمت في صنع تاريخه المهنيّ المشرف؟
يجيب “تاج الدين” قائلاً: أنا جنوبيّ من بلدة “حناوي”، تنقلت ما بين الغربة والوطن، متزوج ولديّ ابنتان، أعمل كمدير تنفيذي لشركة تاجكو منذ 2003، تحصيلي العلميّ هو الدكتوراه في مجال إدارة الأعمال، أما نقطة بداياتي في العمل فكانت في غسل عبوات الدهان، ثمّ أصبحت لاحقا المسؤول عن الطلبيات، وجمعت في هذا الوقت بين هذا العمل وعمل آخر في منتجع النسيم، وتدرجت في النسيم أصبحت مراقباً لمئة وعشرين عاملا، ثمّ مسؤولاً عن المحاسبة العامة، وبعدها مدققاً للحسابات و من ثمّ إلى نائب المدير، وطبعا كنت أجمع ما بين العمل والدراسة، ومنذ صغري أحببت العمل ورغبت العلم، فقد كنت أجد السعادة واللذة حين أمارس القواعد التي تعلمتها في دراستي في سوق العمل .
أما عن ماهية شركة تاجكو وكيفية مساهمتها في تحريك العجلة الاقتصادية والحد من ظاهرة البطالة و إلى أي مدى تساهم في تأمين سكن لذوي الدخل المحدود؟ يقول “تاج الدين”: تاجكو هي شركة قابضة أي شركة تمتلك عدة مؤسسات كالبناء ومجابل الباطون ومدارس، تأسست منذ عام 1995، في المرحلة الأولى كانت تتعامل مع القطاع العام، وبعد وقت انتقلنا للعمل في القطاع الخاص، وذلك لإرضاء الضمير المهني الذي تتمتع به تاجكو، فالمصداقية هي الأساس في العمل مع الآخرين، وما يهمنا هو تقديم الجودة المميزة للحصول على ثقة الناس التي والحمد لله نفتخر بها وهي رصيدنا الذي نعتمد عليه.
أمّا سبل العمل في تاجكو فتتنوّع، فقد نكون نحن من يساهم في الأرض أو قد يساهم الآخر. وبالنسبة لتحريك العجلة الاقتصادية فنحن نعمل في أكثر من نقطة في لبنان، في الجنوب وبيروت والبقاع، ولدينا مشاريعنا التي تدرس حاجات الناس، ويعمل في هذه المشاريع المئات من الشباب الأمر الذي يساهم في الحد من البطالة والاستفادة من الطاقة العاملة، بالنسبة إلى مساهمتنا في تأمين السكن لذوي الدخل المحدود، هذه المشكلة لم تغب عن أعيننا، بل عملنا وما زلنا نعمل جاهدين لتيسير أمور ذوي الدخل المحدود، نحن لدينا مشاريع تتناسب مع كل دخل، ونحن نجلس مع صاحب الدخل المحدود كما نجلس مع صاحب الدخل المرتفع ونستمع إليه ونتعاون معه حتى ننجح في تأمين سكن له مما يساهم في معالجة مشكلة اجتماعية مهمة.
وعن سؤالنا ما هو جديد تاجكو؟ يجيب الدكتور “حسن”: نحن الآن نعمل على تطوير مشاريع البناء، ونهدف إلى تحقيق مشروع “الأبنية الخضراء” الذي يسعى إلى تأمين بيئة سكنية نظيفة تتمتع بالحفاظ على المساحات الخضراء وذلك باستغلال سطح المبنى وزرعه كما تساهم هذه المشاريع في معالجة مشكلة المياه والحد من صرفها وفق برامج مدروسة بالإضافة إلى مشكلة الكهرباء الذي نعيشها، فقد عملنا في هذه المشاريع على تأمين الإنارة المنزلية في حال انقطاع التيار الكهربائي، كما عملنا على توفير الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، وقمنا أيضاً بمعالجة مشكلة تلوث الضجيج، أي الحدّ من الأصوات المزعجة التي قد نسمعها ونحن جالسون في منزلنا عبر طرق علمية سليمة، فنحن يهمنا تطوير المشروع وبأقل كلفة للناس. أما عن سؤالنا عن الأعمال الخيرية التي ترعاها تاجكو خصوصا أننا شاهدنا عدة هبات خيرية في نقاط مختلفة ولطوائف مختلفة يقول “تاج الدين”: نحن نؤمن بالله ونعمل لرضاه، لذلك لا بد للإنسان من مساعدة أخيه الإنسان في حال استطاعته، أنا لا أحب الحديث عن الهبات الخيرية التي تقدمها الشركة، لأن من يعمل خيراً ليس من الضروريّ أن يصرح عنه رغم أنك تجد الآخر يصرح عنها فيكرمك في حفل أو ما شابه، ولكن نحن ننظر إلى قرانا وضيعنا ومن ثمّ المناطق الأخرى بغض النظر عن الطائفة. وسؤالنا الأخير كان ما هي رسالة الدكتور “حسن” للشباب في ظل هذه الظروف المحبطة اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا؟ يجيبنا قائلاً: يجب على الشباب التوجه إلى المجال المهني، مشكلة اللبناني أنه يعاني من غرور وحب للمراكز، لا بد من نقطة صفر ينطلق منها الإنسان في تحقيق الذات، يجب تراكم الخبرات لتحقيق مركز معين، فأنا اليوم أشعر بالعامل ولا يمكنني طلب عمل شاق منه خلال وقت محدّد، لأني اختبرت العمل وأعرف طاقات الإنسان وكيفية توظيفها، وأحب أن أضيف شيئاً يجب الالتفات إليه هو أنّ التعليم المهني ليس بمعيب، بل هو الطريق الأسرع إلى سوق العمل.
حقاً، لا شكّ أنّ الجنوب محظوظ برجل واع يجيد ثقافة الحوار ولياقة الكلمة كما يجيد لغة العمل ويتمتع بالصيت المهني الحر والشريف، فاللقاء مع الدكتور “حسن” يغني الفكر ويشعرنا أن لبنان ما زال بخير.