حوار رشيد عمار
المدير التنفيذي لشركة تاجكو الدكتور حسن تاج الدين، مشاريعنا نجوم تسبح في فضاء الأحلام في Star و Dream
ربّما الحياة لم تكن صدفة، والتجربة المعروضة أمامنا تبرهن أنّ الحكمة قد تسبق المشيب، فضيفنا مدير تنفيذي لإحدى كبرى الشّركات العقارية، ويحتلّ موقع مسؤوليّة في مجموعة مؤسسات. وهو، على صغر سنّه، يمثّل خبرة كهلة مخضرمة في الإدارة والتعاطي المؤسساتي والإداري والإجتماعي الناجح. وفي هذا يرجع الفضل إلى منّة الله تعالى أوّلاً، وإلى فضل الوالد والتّربية ثانياً، وإلى رضا الوالدين ثالثاً. ورغم المسؤوليات المترتّبة عليه في عائلته الكبيرة كشركة، غير أنه يراعي عائلته الصّغيرة المؤلّفة من زوجته وطفلتين في كل دقيقة فراغ يتحيّنها.
“لم يأت بالواسطة، وإن كان والده هو مالك ومدير عام هذه الشركة وغيرها…” ولقد خبر جميع أوجه العمل ومارسه في أدنى درجاته كالأعمال اليومية، ويقول: “أنا فخور لأني عملت في كلّ شيء وتقلّبت في جميع المناصب كأيّ شخص عادي، ولم يعن لي شيئاً أنّني عشت في ثراء سوى المزيد من المسؤوليات والظروف المهيّئة لأثبت جدارتي ك حسن تاج الدِّين، ولا زلت طالباً أنهل العلم والخبرات، وأتابع حاليّاً درجة دكتوراه في إدارة الاعمال في لندن”.
وعليه كان لا بدّ للقائنا، الذي يفترض أن يكون عقاريّاً سوى أن تتشعّب فصوله نحو ما هو شخصيّ وعائليّ وشبابيّ مع ضيفنا الكريم الذي رحّب بنا في مكتبه في هذا اللّقاء الممتع؛
– كيف بدأتم رحلتكم في عالم الاعمال؟
كان ذلك حين كنت لا أزال على مقاعد الدّراسة، وبعمر لا يتجاوز ال ١٧ سنة، وكعامل مياوم أغسل العبوات وأحضرها في معمل الدهانات، ثم تدرّجت في العمل حتى أصبحت مدير المعمل، وبعدها استلمت وكالة دهانات كورال العالمية. عملت بعد ٣ سنوات من الدّهانات في المجال السياحي حيث أنشأنا منتجع النسيم السياحي، ومن ثم في عالم المقاولات منذ ٨ سنوات من خلال شركة تاجكو. وكذلك تدرّجت في الشّركة المذكورة وكنت أتابع في الوقت عينه دراستي الجامعيّة لإدارة الأعمال، حتى استلمت المحاسب العام لها، ومنذ ٤ سنوات فقط بتّ المدير التنفيذي فيها، مع العلم أنّه ما زال لديّ مسؤوليّاتي في المؤسسات الأخرى التي نملكها. من هنا أشعر أنّ الشّركة هي عائلة كبيرة، بعد أن أحسست بتعب الموظّف ولمست عناءه. ولهذا أختار معظم الموظفّين بنفسي، وأكثر ما يهمّني هو الكفاءة قبل أيّ شيء آخر، لأنها معيار النّجاح وتحقيق الأهداف، ولأني أؤمن أنّ النّجاح جماعيّ، ولا يتحقّق من خلال فرد لوحده.
– هل شركة تاجكو هي الشّركة الأم؟ وهل هي الشّركة عينها التي تعملون من خلالها خارج لبنان؟
أُنْشِأَت شركة تاجكو عام ١٩٩٥ في لبنان، أمّا في الفترة ما قبل ذلك، كنّا نعمل في أفريقيا وتحديداً في سيراليون. وقد انتقلنا لنستقرّ في بلدنا بسبب المشاكل التي بدأت تعمّ تلك البلاد عام ١٩٩٤. وبالنّهاية ليس لنا إلاّ بلدنا حيث ولدنا ونشأنا. والحمد الله، شركتنا تاجكو المحدودة المسؤوليّة، مصنّفة درجة أولى في الدّولة لناحية البناء والبنى التحتية والكهرباء والطرق. ونفّذنا من خلالها مشاريع عدّة لصالح الدّولة على الأراضي اللّبنانيّة كافّة، غير أنّنا لأسباب لا نريد الخوض في تفاصيلها فضّلنا العمل في القطاع الخاص، وهكذا توسّعت مشاريعنا في بيروت والجنوب والبقاع، وبات لدينا نحو ٥٠٠ موظف ثابت في كلّ الشّركات والمؤسّسات، إذ أنّنا استثمرنا في التّربية عبر مدارس ستار كولدج في العبّاسية وزبدين اللّتان ارتكزتا على التّعليم بطريقة عصريّة بإستخدام ألواح ناشطة والتّواصل المباشر للطّالب مع أستاذه عبر البريد الإلكتروني، والتّغذية السليمة واللّياقة البدنيّة، وهي تجربة نجح تطبيقها في لندن وسينغافورة. وندرس حاليّاً تنفيذ مثل هذه المدارس في بيروت كون منهج الدراسة فيها يتناول جميع مرافق حياة الطفل العقليّة والبدنيّة والإندماج بالمحيط والتطوّر والتغذية الصحيّة بأسلوب تعليم بسيكولوجي وصحّي ينمّي الحسّ والمهارات. كما ويتوزّع موظفّينا على مزرعة لإنتاج البيض في منطقة جزّين وعلى منتجع النّسيم السياحي في صور.
– هل مشاريع تاجكو المنفّذة تتّسم بالصّفة التجاريّة أم السكنية؟ وما هو آخرها؟
يشير السّوق إلى الطّلب على كلّ ما هو سكني، ورغم ذلك لدينا بعض ما هو تجاري في بيروت والجنوب. وإذا أردنا التّحدث عن بعض مشاريعنا وميزاتها، فسنتكلّم عن أجملها الذي هو في منطقة رملة البيضاء العقارية، لدينا خمسة مشاريع Sand, Waves, Dream, Star, La Reine، تتميّز مشاريعنا بشكل عام بالجودة في البناء وبمواصفات سوبر دولكس، وحدائق خضراء، وما يميّز مشروع عن الآخر هو موقع المشروع ومساحات الشّقق فلدينا من ١٩٠ إلى ٥٣٨م٢، …. ولم ننس في مشاريعنا أصحاب الدّخل المحدود، ونفّذنا لأجلهم مشاريع في مناطق مناسبة لميزانيتهم كالعمروسيّة والشويفات وعرمون حيث يبدأ سعر المتر المربع من ١١٠٠$ والمساحة بين ١٠٠ و ١٥٠م ٢، ولا يفوتنا أن نذكر أنّ لدينا مشاريع أخرى في المناطق كما في صور وحناويه والبازورية، الخ… كما ونساعدهم وعبر التّقسيط وبدفعة أولى ١٥ ألف دولار، وذلك كي تشمل خطّتنا التّسويقيّة مختلف الشرائح دون أن ننسى الحفاظ على معايير الجودة والنوعيّة المميزة سيما أن من سبق لهم التعامل معنا باتوا على علم بطبيعة مشاريعنا وتعاملنا والتسهيلات، وهم الذين أسّسوا لنا سمعة طيّبة نعتزّ بها. وبنفس الوقت ذلك التعامل سمح لنا باختيار زبائننا وجديتهم للإيفاء البنكي، فنسهّل عليهم الاقتراض ومنحهم الثقة لدى البنوك. وأغتنم الفرصة كي أشكر القطاع المصرفي على خدماته ومساعدته المواطن والإقتصاد ودفعهما إلى الأمام.
– كيف تختارون أرض المشاريع؟ وما هي استراتيجيّة تملكّها؟
ذلك بحسب العرض والطّلب وحركتهما، فحاليّاً الطّلب كبير على الشّقق الشّعبية والتجاريّة دون ال ٣٠٠ ألف دولار أميركي لأنّ الطّلب على الفئة التي يزيد ثمنها عن ذلك يرتبط بالوضع السياسي والأمني، وهو أكثر ما يكون من المغتربين. وبالتّالي، لا بدّ لذلك الموقع أن يكون في مناطق تناسب هذه الأسعار. من هنا إنّ سياسة إختيار الموقع مهمّة أيضاً، مثلاً وجدنا أنّ طيردبّا التي تبعد عن مدينة صور نحو ٥ كلم، وهو امتداد طبيعي ومَنْفَذ مهم غير مُسْتَثْمَر بعد مَنْفَذَيْ العباسية والحوش، ووجدنا أنّ العمران لم يلفّها كالمنطقتين الأخيرتين، سيّما أنّ منطقة الحوش صور أسعار أراضيها مرتفعة، ولا يقصدها سوى المستثمرون والمتموّلون بعد أن وصل سعر المتر المربع إلى ١٢٠٠$ أمريكي. فصحيح أنّنا نراعي جميع الميزانيّات في تسويقنا لكن لا يمكننا أن نتعهّد مشروع في منطقة لا يتمتّع أهلها بقدرات شرائيّة، أو منطقة لا تكون امتداد طبيعي لبلدة مرتاحة مادياً. ولأنّ طموحنا أن نترك بصمة أو مشروعاً في كل بلدة، نعمل أيضاً على مشاريع إفراز الأراضي، سيّما التي يملكها أناس بحاجة إلى استثمارها، فالشّخص الذي يريد الإستثمار يقدّم الأرض، ونحن بدورنا كشركة، نؤسّس البنى التحتيّة لها من ماء وكهرباء وطرق وحدائق وصرف صحّي، وذلك يقابله نسبة من المبيع والأرباح. وهكذا نكون قد حسنّا الاستثمار ونوعيّته، وبعض هذه المشاريع هي في كوثرية السيّاد وفي مجدل زون (التي تعتبر امتداداً طبيعياً للمنصوري)، وفي منطقة الطيبة البقاعية.
– ما هي العوائق التي تواجهكم اليوم في العمل؟ وهل تعتبرون أنكم نجحتم كشركة بعد ١٦ سنة عمل في لبنان؟
إننا وإن كنّا نركّز على تسمية مشاريعنا على أسماء الورود في الأغلب غير أنّ ليس كل العمل وروداً، فهناك عوائق ملوّنة تواجهنا أهمّها في الموارد البشريّة واليد العاملة، سيّما أنّ اللّبناني يأنف أن يعمل في المهن الخاصّة بالمقاولات كالبلاط والدّهان والنّجارة والكهرباء والسّمكرة وغيرها… ويؤسفنا أننا كدنا نخسر مشروعاً كاملاً بأمّه وأبيه لأنّنا خصّصناه لليد العاملة اللّبنانية وما وجدناها أو تقدّم أحد منها. فاللّبناني يحبّ دائماً أن يكون رئيساً أو مسؤولاً. ومن هنا، كان توجّهنا للإستعانة بالأيدي العاملة من غير جنسيّات كالسّوريّة وهي الغالبة، ومن ثمّ تأتي بعدها اليد العاملة الفلسطينيّة وغيرها…
ومن العوائق الأخرى التي تواجه عملنا هي الرّوتين الإدراي والتأخير في المعاملات والسّمسرات التي اتّخذت شكل الأسعار الثابتة في ظلّ الفساد المستشري في هذا البلد بشكل مخيف….
وما يساعدنا على التوسّع ويخفّف الأعباء والكلفة قليلاً هو خبرتنا في هذا المجال، وأننا نملك مجابل باطون خاصّة في الشويفات وبنت جبيل وصور. والحمد الله، توسُّعنا جاء بنسبة شفافيتنا ونتيجة مصداقيتنا وسمعتنا الطيّبة ومعاملتنا الحسنة والراقية، ولأن الإنسان يحصد كما يزرع، وقد كان زرعنا ممتازاً منذ البداية.
– لماذا ارتفع سعر الأراضي في بيروت؟ وهل برأيك أن الأسعار عموماً قد تهبط قريباً؟
ندرة الأراضي في بيروت قياساً للطلب تبقى العامل الأول لغلاء الأسعار وانتقال المستثمر منها إلى الضواحي. لكنّ ارتفاع الأسعار هذا بات يصيب كلّ الأراضي، وليس بيروت فقط. وعليه، نقول أنّ هذه الأسعار لن تهبط وإن استقرّت، فمنذ ٨ اشهر وهي في ثبات. مع العلم أنّه بعد تشكيل الحكومة مؤخراً بدأت تلوح في الأفق مؤشّرات ارتفاع ملحوظ، وهذا أمر تلقائي ينعكس على أسعار الشّقق التي يزيد الطّلب عليها وبالتالي تزيد ندرة الأراضي القابلة للاستثمار. ونظراً لكون اللّبناني هو الذي يتملّك بالمعظم الأعم والأجنبي استثماره قليل، ونظراً لكون الأسعار لا تزال مقبولة وفق الدراسات، أتوقّع انه بعد ٥ سنوات لن يستطيع الموظّف العادي أن يسكن مدينة بيروت التي ستصبح مُلك المتموّلين فقط، فيما سيتّجه النّاس العاديين للسّكن في الضواحي. غير أنني أتوقّع في الوقت عينه أنه قد يطرأ انخفاضاً طفيفاً على أسعار العقارات في بيروت لأنّ من يستثمر اليوم هو المغترب الذي يبغي الرّبح، وهو لن يبيع متنازلاً عن بعض هذا الأخير إلّا في حال أصيب بنقص في السيولة، وهو أمر تعكسه حركة المبيع في الشركة والتي تختلف من منطقة إلى أخرى.
ولذا نحن نفكّر في إنشاء جمعيّة للمطوّرين العقاريّين التي قد تبصر النّور قريباً. وهذه فكرة لا زالت قيد المناقشة مع شركات أخرى قامت بطرح الموضوع علينا لأنه لا حماية للمطوّرين العقاريين، وعمله غير محمي قانوناً في ظلّ غياب حلقة الوصل بين نقابة المهندسين والمجلس الأعلى للتنظيم المدني وباقي الوزارات. وبالتالي، متى تبلورت الفكرة سيكون دور هذه الجمعية التنسيق مع الدوائر الرسمية والقانونية لتسهيل عمل المطوّرين العقاريين، سيّما لجهة البيئة والآثار وغيرها من الأمور التي تحتاج لقرار مركزي. أما مواجهة موضوع الفساد الإداري، فإننا نعمل على تجنّبه لأنّ أخلاقنا وسمعتنا وإنجازاتنا لا يسمحان لنا بالمخالفات مهما كانت الوسائل مريحة.
– ما هي طموحات الشركة المستقبلية؟
طموحنا كتاج كو وباقي المؤسسات التابعة أن يكون لنا في كلّ منطقة مشروعاً سكانياً أو سياحياً أو تجارياً أو زراعياً أو تربوياً…
هل عدت من الخارج كي تكون مديراً للشركة؟
ما احتملت العيش أكثر من ٤ سنوات في أفريقيا، وعدت لأجل الأمان بين أهلي وفي بلدي حيث أنتمي، وما عدت فقط كي أكون مديراً في شركة، رغم أنّ ذلك لم يكن صدفة، لكنّ الحنين كان دائماً هو الأقوى، وهو الدّافع الدّاخلي والإحساس أنّه يجب أن اخدم أبناء بلدي، وكان السؤال الذي يرافقني: “لماذا يجب أن يهاجر من ليس له عمل أو ليس لديه رأسمال؟” من هنا، نحن نحاول إيجاد هذه الفرص للّلبنانيّين. والحمد الله إنّ ٨٠٪ من موظفي الشّركة هم لبنانيّون، ونفكّر مليّاً في استثمارات في مجالات أخرى نساعد فيها على تشغيل أكبر عدد ممكن من أبناء البلد على اختلاف أطيافهم.
أليست هذه مسؤولية كبيرة؟
نعم، ولكننا ولدنا على تحمّل المسؤولية وفطرنا عليها، والحقيقة أنني شخصياً، ورغم استغراب الكثيرين لصغر سني، تعوّدت هذا النمط من العيش ومرتاح له، وقد استفدت كثيراً من تجارب من يكبرني سناً من رفاقي، وهم الأقرب لي!