في ظل الواقع السياسي الملبد بالملفات المعقدة في لبنان والمنطقة، يندر ان تجد رجل أعمال يتمتع بالتفاؤل والأمل، كما هو عند السيد حسن تاج الدين. فهذا الرجل المعطاء، المحب لأهله ووطنه، لا يكتفي بالنظر الى النصف المملوء من الكأس، بل هو يصر على ان يملأ النصف الفارغ منها، بما أوتي من عزم ورغبة في التغيير.
بإقدام لا يعرف اليأس، وبسمة لا تفارق قلبه قبل شفتيه، يصر تاج الدين على مواجهة الحياة، رافعات المعاناة وشظف العيش عن المحرومين، ما استطاع اليه سبيلا. لبناني أصيل، لا يعير الطائفية والزوايا الضيقة أي مكان في حياته، رغم انه يفتخر بدينه الذي يرى فيه مساحة لتلاقي الإنسانية جمعاء، انطلاقاً من الأفكار المشتركة التي تشد البشر بعضهم الى بعض، رجل أعمال ناجح، اثبت ان اللبناني الطموح باستطاعته ان يصنع المعجزات، رغم كل الصعوبات والعوائق، فكان في شركة تاجكو خير مثال للإنسان الناجح على مختلف الصعد.
كيف لنا ان نتعرف على تاجكو؟
تأسست الشركة منتصف تسعينات القرن الماضي، وبالتحديد في العام ١٩٩٥ وأنا اشتغل فيها منصب المدير التنفيذي منذ العام ٢٠٠٤ بداية نشاطاتنا كانت من خلال التعاون مع الدولة، ثم انتقلنا الى القطاع الخاص عام ٢٠٠٠ أما ما يميز شركتنا فهو بناؤها لمساكن تراعي جميع الأذواق والميزانيات، فقد يبدأ سعر الشقة بحوالي ٦٠ ألف دولار ليصل الى ملايين الدولارات.
كيف تتكيفون مع مشكلة ارتفاع اسعار العقارات في الوقت الراهن؟
إن احد الحلول المطروحة وهو ما نعمل عليه بالفعل، هو الاتجاه الى البناء في الضواحي، حيث اسعار الأراضي المنخفضة، خاصة في خلدة، عرمون وسواهما. هذه المناطق التي تشكل الامتداد الطبيعي للمدن الكبرى، كما أننا لم ننس ذوي الدخل المحدود الذين يشكلون الشريحة الأكبر من الشعب اللبناني، فعمدت تاجكو الى تقديم تسهيلات على صعيد الدفع، حيث لا تتجاوز الدفعة الأولى ١٠ آلاف دولار.
هل تتجهون صوب المغتربين بشكل أكبر؟
كان ذلك بشكل خاص في نيجيريا، نظراً لوجود جالية لبنانية كبيرة هناك، وقد توجهنا اليهم ليأتوا الى لبنان ويستثمروا أموالهم في العقارات، الأمر الذي لاقى قبولاً لا بأس به، انعكس على بيع بعض الشقق التي لا يمكن تسويقها في لبنان نظراً لارتفاع ثمنها بشكل كبير، بحيث يفوق ٥٠٠ ألف دولار، وهذا النوع من الشقق لن يستقطب إلا المغتربين أو الموظفين من الفئات المرتفعة.
الى جانب النشاط المهني، تشتهر تاجكو بنشاطها الاجتماعي الملحوظ، ماذا عن ذلك؟
نحن نعمل منذ زمن على الدمج بين الشركة والمجتمع عبر مزيد من الاهتمام بحاجات الناس من خلال تخصيص قسم يعمل على الدمج بين الطرفين، ويتجلى ذلك من خلال رعاية المناسبات ذات الطابع الاجتماعي العام، بما يساهم من جهة في خلق جسور التواصل بين الناس، وزرع الأمل فيهم وإيصال أهداف الشركة بطريقة غير مباشرة، وهو ما يتكامل مع الخطة التسويقية للشركة.
هل لنا ببعض النشاطات التي شاركت فيها تاجكو؟
لم تقتصر الشركة نشاطها على ناحية معينة، فقد شاركت في نشاطات توعوية ضد مرض السرطان، كما عملت على توزيع هدايا على الأطفال لمناسبة عيد الميلاد، وفي هذه السنة بالذات، نحن بصدد توقيع بروتوكول مع منظمة اليونيسف لتوزيع الهدايا على الأطفال بمناسبة الأعياد تواكبها محاضرات حول قضايا تهم هذه الفئة من المجتمع، وفي حال لم يتم الاتفاق بهذا الشأن، فإنه يجري العمل على نشاطات بديلة بالتعاون مع كشافة لبنان أو غيرها من الجمعيات، خاصة وان لدينا خبرة في هذا المجال بعد القيام بعدد من النشاطات المماثلة، خاصة في مدينة صور، حيث كان النشاط برعاية السفارة الايطالية في لبنان.
ماذا عن دوركم في مكافحة مرض السرطان؟
من المعروف ان مرض السرطان من أخطر الأمراض، وهو يشكل مع الإيدز احد اهم أسباب الوفاة على مستوى العالم، ومن المفترض الإضاءة عليه على نطاق واسع: بدءاً بالتوعية حول الكشف المبكر، وصولاً حتى العلاجات المتعددة له، من شأن ذلك ان نجنب المواطنين الكثير من الأخطار المحدقة المتعلقة بهذا المرض، بما يساهم في حماية الوطن والمواطن، والأمر نفسه ينسحب على بقية الأمراض، وهنا يتجلى دور المجتمع المدني في تغطية النقص الرسمي على هذا الصعيد الذي يتكامل مع دور الدولة في هذا السبيل يمكن تسخير إحدى مدارسنا الخاصة لإعطاء ندوات أو محاضرات بهذا الشأن أو مركز الشركة، ونحن نأمل ان تنمو المؤسسات الأخرى حذوها.
كيف تنظرون إلى عملكم؟
من المهم الإشارة الى ان ذلك يتم من خلال خطة خمسية تحدد الأهداف العامة، تواكبها خطة سنوات ترسم الخطوات التفصيلية التي تحدد الأنشطة والمناسبات التي تنوي الشركة رعايتها أو المشاركة فيها، وتسمح هذه الطريقة بحضور الشركة في مختلف المناسبات والفعاليات بشكل فعال وقوي، ومن أبرز النشاطات القربية التي شاركنا فيها يأتي ماراتون صور، حيث شاركنا كرعاة لهذا النشاط إضافة لوجود ما يقارب المئة عداء والذين يشكلون طاقم موظفي الشركة. هذا ما يعزز روح التواصل مع الناس التي تشكل أساس فلسفة الشركة ومن المهم ان تكون الأفكار منطلقة من الواقع اللبناني ومستجيبة لحاجاته.
هل تعتبر ان احياء المناسبات والأعياد لمختلف الطوائف، من شأنه تعزيز الروح الوطنية بعيداً عن الطائفية؟
من المفيد القول إن تاجكو تمثل صورة مصغرة عن لبنان بمختلف أطيافه وتلاوينه السياسية والطائفية وصورة حقيقية الى الوحدة الوطنية كما يجب ان تكون. من هنا، فنحن نعمل على استثمار طاقات أبناء الوطن بغض النظر عن أي انتماء آخر. الوطن بحاجة الى الجميع وبمعزل عن أعلام المستهلك، فإننا لن نستطيع ان نتخلى عن بلادنا، ولا ان نبتعد عن بعضنا البعض كأبناء الوطن الواحد، ومصدر القوة يكمن في توظيف الأمور الإيجابية عند كل الأطياف اللبنانية، واستثمارها في خدمة الوطن والوطن فقط، وهذا يتطلب اتساعاً في الأفق ووضوحاً في الرؤية وجهوداً قد تستغرق وقتاً طويلاً لإحداث التغيير المنشود الذي هو آت لا محالة.
هل يمكن تعميم هذا الفكر المتنور على جميع اللبنانيين؟ وهل يمكن صرفه على ارض الواقع؟
لا شك في ذلك بشرط التفاهم والحوار المتبادل الذي يرمي الى تعزيز المشتركات ونقاط الالتقاء وازاحة الفروقات وعوامل الاختلاف أو البحث عن حل لها بشكل هادئ ومتزن.
ما هو تقييمك للواقع الاقتصادي؟
يمكن ان نميز في هذا المجال بين فقرتين: ما قبل شهر أيلول الفائت وما بعده. وهذا الحد الفاصل أتى بسبب الحلحلة الجزئية في الملف السوري المتمثلة في التسوية التي تم التوصل إليها بشأن السلاح الكيميائي، وكان في شأن ذلك ان ينعكس جزئياً بشكل إيجابي على العجلة الاقتصادية وصحيح ان أزمة النازحين السوريين تنطوي على جانب إيجابي متمثل في ارتفاع بدلات إيجارات العقارات، الذي استفاد منه مالكوها بشكل كبير، إلا أنها ولا ريب تنطوي على بعض السلبيات التي يعاني منها الجميع. في المحصلة، فقد تحسن الوضع الاقتصادي مؤخراً الى حد ما لا سيما على صعيد مهنتنا خاصة وان هناك بعض اللبنانيين الذين يعمدون الى شراء الشقق وتأجيرها للنازحين السوريين. أما الجانب السلبي من مشكلة النازحين، فهو صنيعة الإعلام الى حد كبير، الذي يعمد الى تسليط الضوء على بعض الأمور الشاذة لأهداف إيديولوجية يعرفها الجميع، وهذا التركيز على السلبية من شأنه تحفيز الانكماش الاقتصادي من خلال عدم تخويف رؤوس الأموال من الاستثمار.
ما هو سبب سلبية أو إيجابية الإعلام في مكان ما؟
لا يمكن إنكار حقيقة ان الاعلام في لبنان منقسم سياسياً بشكل عمودي خطير، وهذا من شأنه ان ينعكس على المادة الإعلامية التي يقدمها، ومما لا شك فيه ان قسماً لا يستهان به من الاعلام تشوبه الانتهازية الى حد كبير، وهو ما نأمل ان يقينا الله شره، إلا ان الانطباع العام هو ان الاعلام يجب ان يعمل بطريقة متزنة وحضارية، وهو ما يشكل عامل ضمانة مستقبلاً.
هل تلقيتم تكريماً في اتجاه معين في الفترة الأخيرة؟
تلقيت درعاً تقديرية منذ فترة من قبل محترف لبنان الفني، حيث جرى التكريم في وزارة السياحة تقديراً لدعم الشركة وتشجيعها الاعمال الفنية والحرفية، خاصة في مجال النحت.
هل تفكر انطلاقاً من هذا النشاط الملحوظ في الترشح للانتخابات؟
إطلاقاً، فانا أرى ان الاقتصاد هو الذي يحرك السياسة لا العكس، ففي حال كان الاقتصاد قوياً فان السياسة لا بد ستواكبه، هذا إضافة الى انه لم يعرض الموضوع علي حتى الآن ليكون مدعاة للتفكير، كما ان السياسة من شأنها ان تحشر الإنسان في زاوية معينة وتمنعه من ممارسة حياته بحرية، وإذا كان لي ولا بد ان ادخل عالم السياسة فأنا افضل دخوله من الباب الاقتصادي بمعنى ان اعمل على وضع سياسة اقتصادية تؤمن الرخاء في المجتمع.
ماذا عن اثر الفراغ السياسي والأمني على الواقع الاقتصادي؟
لا شك ان لذلك أثراً سلبياً جداً. من هنا، فنحن ندعو الى تشكيل حكومة اليوم قبل الغد، وتفعيل المؤسسات الرسمية، بما يكفل تثبيت الوضع الأمني الى حد ما، وينعكس إيجاباً على سير الدورة الاقتصادية ولكن هذا الوضع المتأزم لا يمنع استمرارية الحياة بشكل أو بآخر. أما الرأي الخاص، فهو ان الحكومة ستتشكل عاجلاً ام آجلاً أما الاستحقاق الرئاسي ف “الى التمديد سر” كما حصل من قبل.